الطير المهاجر مراقب المنتدى
عدد الرسائل : 486 : تاريخ التسجيل : 30/09/2008
| موضوع: ((الجندى المصرى فى ذمه الله)) الثلاثاء 12 يناير 2010, 4:47 pm | |
| ( اعزائى اعضاء المنتدى الاشاوس)
لكى لا يكون منتدانا بعيدا عن مجريات الاحداث اردنا ان نقدم لكم هذا الموضوع
بقلم فهمى هويدى
مسلسل الحماقات التى ارتكبناها فى الأسبوع الماضى ظل مسكونا بعناصر الدهشة والصدمة والحزن. إذ ما خطر ببال أحد أن تلقى قافلة التضامن مع غزة (شريان الحياة) ذلك الكم من العراقيل وصنوف العنت والمعاناة. وما توقع أحد أن ينفلت العيار فى نهاية المطاف، بحيث يتطور المشهد فى إحدى حلقاته الأخيرة إلى تراشق واشتباك يؤدى إلى مقتل جندى مصرى وإصابة 40 فلسطينيا.
لقد جاءت القافلة لكى تفضح الحصار الإسرائيلى لغزة فى ذكرى الانقضاض عليها، وفوجئنا بأن الفضيحة أصبحت من نصيبنا فى مصر، إذ تكفلت «الحكمة» التى تعاملنا بها مع القافلة بصرف الانتباه عن الجريمة الإسرائيلية بحيث أصبحت الأضواء كلها مسلطة على تعسف السلطات المصرية وإجراءاتها المستغربة.
لقد قطع هؤلاء ثمانية آلاف كيلومتر وهم يقودون العربات من بريطانيا التى غادروها فى السادس من شهر ديسمبر الماضى، حاملين معهم معونات بقيمة أربعة ملايين دولار، وبعد رحلة أنهكتهم وصلوا إلى العقبة ليعبروا منها إلى ميناء نويبع المصرى، لكنهم أبلغوا بأن عليهم أن يعودوا أدراجهم إلى سوريا لكى يبحروا من ميناء اللاذقية إلى ميناء العريش، لم يكن ذلك يعنى مزيدا من الإنهاك لهم فقط، ولا تأخيرا لهم عن الموعد الذى حددوه للوصول (27 ديسمبر) فقط، وإنما كان يعنى أيضا تحميلهم بعبء مالى إضافى فاق طاقتهم (300 ألف دولار قيمة السفر بالطائرات وشحن السيارات بالبواخر والعبارات). وقد تكفل الأتراك والخليجيون بتغطية هذا المبلغ مناصفة. وحلوا بذلك الإشكال فى هدوء.
بعد أن وصلوا إلى العريش دخلت معاناتهم طورا آخر فصلت فيه الصحف المستقلة، المهم أن الجميع نقلوا من المطار إلى ميناء العريش لكى يستقلوا عرباتهم وينطلقوا بها إلى معبر رفح، هناك وبعد وصولهم حوصر الميناء بألفين من جنود الأمن المركزى، فى الميناء دخلوا فى مفاوضات مع بعض المسئولين المصريين حول ترتيبات عبورهم إلى القطاع، وهم هناك تحرشت بهم عناصر الشرطة التى رشقتهم بالحجارة. وذكرت صحيفة الدستور أن مجموعة منهم ارتدى أفرادها الثياب المدنية وكانوا يحملون عصيا كهربائية قامت بالاعتداء بالضرب على مجموعة من أعضاء القافلة (صحيفة نيويورك تايمز ووكالة أنباء رويترز وجيروزاليم بوست اتفقت على أن الشرطة هى التى بادرت بالاعتداء) وهو ما أسفر عن إصابة 40 من أعضاء الحملة نقل 11 منهم إلى مسشفيات العريش، أخبار المفاوضات والاشتباكات وصلت إلى داخل القطاع، فتظاهرت مجموعات من الشباب الفلسطينيين، التى قامت برشق حرس الحدود المصريين، وتخلل ذلك تبادل لإطلاق النار. أدى إلى قتل الجندى المصرى أحمد شعبان (لم تستبعد صحيفة الدستور أن يكون قد قتل برصاص قناص إسرائىلى) كما أدى إلى إصابة 40 فلسطينيا بجراح مختلفة اثنان منهم فى حالة خطرة.
الصحف الحكومية عالجت ما جرى بصياغات مثيرة للانتباه، فقد ركزت على قتل الجندى المصرى ولم تذكر إصابة الفلسطينيين، ونقلت الأهرام على لسان مسئول أمنى أن أعضاء القافلة «ارتكبوا أفعالا مشينة فى حين أن قوات الأمن تعاملت بأقصى درجات ضبط النفس». رئيس تحرير الجمهورية قال إنه اتضح فعلا أن حماس أخطر على حدودنا من العدو الواضح وأن إسرائىل تقتل جنودنا بالخطأ، وحماس تقتلهم بتصويب متقن (؟!) روزاليوسف وصفت قافلة شريان الحياة بأنه «شريان البلطجة» ورئيس تحريرها وصف الناشطين الذين انضموا إليها بـ«المنحطين» ووصف موقفهم بالانحطاط والخيانة. رئيس تحرير الأخبار طالب بمعاقبة حماس لتدفع الثمن غاليا، معتبرا أنه «لا عفو ولا مغفرة ولا تسامح بعد اليوم».
لقد قتل جندى مصرى، وأصيب العشرات على الجانبين، وتناقلت وكالات الأنباء صور رجال الأمن المصرى وهم يضربون بالعصى الكهربائية أعضاء القافلة، الذين بدأوا أمس فى مغادرة القاهرة وهم يحملون ذكريات مريرة عن تجربتهم معها. إن دم الجندى الشهيد معلق فى رقاب الذين حولوا الرحلة إلى أزمة دون مبرر، ثم فشلوا فى إدارة الأزمة حتى حولوها إلى فضيحة أساءت إلى سمعة مصر ولطختها بالأوحال.
------------ --------- --------- --------- --------- --------- --------- --------- ----- *جريدة الشروق المصرية
| |
|